قصيدة المعطف لكريم العراقي رداء الحنين والألم الذي يعانق الوطن!
قصيدة “المعطف” للشاعر العراقي كريم العراقي تُعتبر واحدة من الأعمال الشعرية
التي تأسر القلوب بتعبيراتها الصادقة والمباشرة. تعكس القصيدة مشاعر الحنين والشوق
للأمان والاستقرار، وسط ظروف صعبة مر بها الشعب العراقي. هذه القصيدة ليست مجرد كلمات،
بل هي معطف معنوي يغلف معاناة المواطن العراقي في فترات الحروب والاضطرابات،
معبرة عن إحساس الشاعر بالمسؤولية تجاه وطنه وأهله..
قصة القصيدة
كُتبت “المعطف” في تسعينيات القرن الماضي، خلال فترة الحصار الاقتصادي
على العراق، وهي فترة مليئة بالمآسي والعذابات التي عاشها الشعب.
كان الشاعر كريم العراقي يعيش آنذاك في العراق، ويعاني مثل باقي العراقيين من
آثار الحصار والحرمان. كتب القصيدة كمحاولة لتجسيد معاناة الشعب العراقي وكفاحه
من أجل البقاء والكرامة، مستخدمًا “المعطف” كرمز للحماية والأمان الذي يفتقده المواطنون.
تحليل ومعاني القصيدة
“المعطف” في هذه القصيدة يرمز إلى الدفء والأمان الذي يسعى كل
فرد للحصول عليه في ظل الظروف الصعبة. المعطف هو الحماية من قسوة الحياة،
لكنه أيضًا يرمز إلى التحدي والصمود أمام المحن. كما أن القصيدة تحمل طابعًا إنسانيًا
يتجاوز حدود العراق، لتعبر عن معاناة الإنسان في أي مكان حين يفقد الأمان والاستقرار.
يستخدم كريم العراقي في قصيدته لغة بسيطة وعميقة في آنٍ واحد، مما
يجعل كل بيت شعري بمثابة صورة مصغرة لواقع يعيشه المواطن العراقي يوميًا.
يستعين الشاعر بالرمزية، حيث يُجسد “المعطف” كأنه شخص حي يقدم المأوى
والدفء في ظل العواصف التي تواجه العراق، سواء كانت سياسية أو اجتماعية.
نبذة عن الشاعر كريم العراقي
كريم العراقي، واسمه الحقيقي كريم عودة، هو شاعر وكاتب عراقي بارز.
وُلد في بغداد عام 1955، وبرزت موهبته الشعرية منذ سن مبكرة. اشتهر
بكتابة الشعر الغنائي والتأليف الأدبي، وكان من أبرز كتّاب الأغاني لعدد كبير
من الفنانين، أبرزهم الفنان العراقي كاظم الساهر. رغم الحزن الذي يهيمن على
الكثير من أعماله، إلا أن كريم العراقي دائمًا ما يعبر عن أمل خفي وشعور عميق
بالانتماء إلى العراق، مهما كانت الظروف الصعبة.
تُعد قصائده مرآة تعكس معاناة العراقيين وأحلامهم وطموحاتهم، وقد تميزت أعماله بمزجها بين الفصحى واللهجة العراقية المحلية.
كلمات قصيدة “المعطف”
عندما استعارت معطفي
فورًا، تبدل موقفي،
أين أنت، أيها البرد، من دمي؟
أنا شعلة لا تعرف الانطفاء.
أصوات من حولي تعالت:
“برد مخيف!”، وارتجف الجميع،
أما أنا، فكنت مختلفًا،
في أعماقي دفء خفي.
فقد استعارت معطفي.
يا معطفي، ما أسعدك بالقرب،
وما أشد بعدك!
حاولت أن لا أحسدك،
يا ليتني كنت معطفي.
يا للهدوء العاصف.
سألتني: “أتعطر كالأجانب؟”
فلا تتعجبي،
إنه عطر قلبي الطيب،
رددت بابتسامة لطيفة،
“تبدو كالعاشق الحنون.”
تغامزوا من حولنا،
فالحب أصبح واضحًا،
وسألت نفسي:
هل أنا محبوبها أم مجرد معطف؟
أين الدليل لأحتفي به؟
ثم وصلت الحافلة،
فتنهّدت قائلة:
“شكرًا، وخذ هذا، قبّلَه،
قد كان يومًا معطفي.”
والكل صفق بحماس،
لما أعادت معطفي،
ومضت دون توقف.
نبذة عن العراق في تلك الفترة
العراق في تسعينيات القرن الماضي كان يعيش ظروفًا صعبة بسبب
الحصار الاقتصادي الذي فُرض عليه بعد حرب الخليج الثانية. كانت الحياة
اليومية مليئة بالتحديات، من نقص في المواد الغذائية والدواء إلى انهيار
البنية التحتية. عانى الشعب العراقي من الفقر والقهر، ولكن ظل الأمل حيًا في
نفوس الكثيرين، واستمر الفن والشعر في التعبير عن هموم الشعب وآلامه.
في تلك الفترة، كانت الكتابة وسيلة للنجاة الروحية وسط الفوضى.
ختاماً
قصيدة “المعطف” لكريم العراقي تظل واحدة من أكثر القصائد التي تلامس
القلوب والعقول، حيث تغمر القارئ بمشاعر مختلطة من الألم والأمل. هي
ليست مجرد قصيدة، بل وثيقة تعكس معاناة العراق في زمنٍ كان فيه المعطف أكثر
من مجرد لباس، بل ملاذً نفسيً للوقوف أمام العواصف. كريم العراقي يبقى،
من خلال كلماته، شاهدًا على معاناة وأحلام وطنه.
هذا المقال كتب في مجلة عشاق سوريا للمرة الأولى لنشر المعلومات والوعي عن طريق القراءة.