جماعة “تعالهون” في ألمانيا: قصة العجيان بين النوستالجيا والمعاناة اليومية
هل سمعت من قبل عن جماعة “تعالهون“؟ لا؟ إذن، دعني أُعرّفك على هذه الظاهرة الطريفة والحزينة في
نفس الوقت. جماعة “تعالهون” هم مجموعة من المغتربين العرب في ألمانيا، وغالبًا ما تجدهم يتجمّعون في
ساحات البانهوف، ينتظرون قطارًا قد لا يأتي أبدًا، أو ينتظرون “زولًا” ربما نسي موعده منذ ساعات طويلة.
إنهم يعيشون حالة من الانتظار الدائم، وتعبيرهم الأكثر شيوعًا والذي ألهم اسمهم هو: “تعال هون!”
من هم “تعالهون”؟
هؤلاء الأشخاص هم عربٌ قادمين من شتى البقاع، جاءوا إلى ألمانيا إما للدراسة، أو العمل، أو اللجوء، أو ربما
بحثًا عن حياة أفضل. لكنهم يجدون أنفسهم بين حنينٍ لأوطانهم وأهلهم، وحيرة بين التقاليد العربية والحياة
الألمانية المتقدمة والمنضبطة. فبدلاً من التكيّف الكامل، يعيشون في حالة “في الوسط”، لا هم بقوا هناك،
ولا هم اندمجوا هنا بشكل كامل.
لماذا سُمّوا بـ”تعالهون”؟
اسمهم مستوحى من كلمتهم المفضلة عند الالتقاء، حيث ستسمع دائمًا أحدهم ينادي صديقه قائلاً
“تعال هون!“، وهي دعوة نابعة من اللهفة والاشتياق لمن يشبهه في الغربة، أو ربما تعبير عن البؤس الذي
يُخفونه بنكتة سريعة ومواقف طريفة. الكلمة تعكس روحهم، فهي تحوي نوستالجيا تربطهم بأجواء الوطن،
كما تحوي لمسة من الفكاهة التي تعينهم على تحمل صعوبات الغربة.
ماذا يفعل “تعالهون”؟
عندما ترى أحد “تعالهون” في ساحة البانهوف، يمكنك أن تتوقع عدة أمور: إما أنه يتحدث على الهاتف بلغة
غير مفهومة للألمان، أو يرسل رسائل صوتية طويلة جداً “لعيال حارته” على واتساب، أو ينخرط في نقاشات
فلسفية عميقة مع صديقه حول “أيهما أفضل، الشاورما هنا أم في البلد؟”. وفي بعض الأحيان، تراه متأملاً
في الأفق، وكأن هناك قطاراً للذكريات سيفوته إذا لم يبقَ منتبهاً.
الجانب المضحك والحزين
الحياة بالنسبة لهم مزيج من الطرافة والحزن. المضحك في الأمر أن “تعالهون” يتخذون من كلمة “هون”
محطة تجمعهم، فهم دائمًا مستعدون للتنقل والانتقال من مكان لمكان كأنهم في مهمة دائمة للبحث عن
“مكان أفضل”، حتى لو كان مجرد مقعد خشبي أمام محطة القطار. لكن الحزن يكمن في أنهم لا يجدون هذا
“المكان الأفضل” أبدًا، حيث يعكس تجمّعهم في محطات البانهوف تشتتهم الداخلي، فهم عالقون بين عالمين،
يتوقون للعودة، لكنهم في نفس الوقت غير قادرين على العودة لأسباب مختلفة.
لماذا تثير قصتهم تعاطفنا؟
قصة “تعالهون” مؤلمة لأنها تذكرنا بالعديد من قصص المهاجرين الذين اضطروا لترك أوطانهم ومجتمعاتهم
ليعيشوا في غربة، حيث تكاد النوستالجيا والواقع البارد يطغيان على حياتهم. هم يعيشون الحنين في كل
التفاصيل، حتى لو كانت مجرد كلمة مثل “تعال هون“، التي أصبحت رمزًا للتمسك بما تبقى من روح الوطن.
جماعة “التعالهون” في محطات البانهوف بألمانيا يتميزون بأسلوب لباس يجمع بين الراحة والعفوية
الملابس الكاجوال:
التيشيرتات والسويت شيرتات هي القطع الأساسية. غالبًا تكون بألوان محايدة أو داكنة، مثل الرمادي والأسود،
وكثيرًا ما تحمل شعارات ماركات عالمية أو رسومات بسيطة.
الجينز والسبورت:
البنطلونات الجينز الواسعة والمريحة، وأحيانًا الجوجرز (Joggers) الرياضية، حيث تفضيلهم للراحة يجعلهم يختارون
القطع التي تسمح لهم بالتنقل بسهولة في المحطات.
الأحذية الرياضية:
السنيكرز من ماركات مشهورة كـNike وAdidas حاضرة بقوة، فالعملية مهمة لهم مع كثرة التنقل والسفر، وهي
تمنحهم مظهرًا مريحًا ومتماشيًا مع أجواء أوروبا.
الجاكيتات الخفيفة أو المعاطف:
بسبب الطقس المتغير، نجدهم يرتدون الجاكيتات الخفيفة أو المعاطف الشتوية بألوان ترابية أو داكنة، مع لمسات
بسيطة.
حقائب الظهر:
عنصر لا يتخلى عنه أي “تعا لهون” حقيقي، فالشنط تحتوي على كل شيء يحتاجونه – من شواحن الهواتف
المحمولة، إلى المأكولات الخفيفة، وربما بعض أوراق العمل أو الدراسة.
الإكسسوارات:
السماعات اللاسلكية وحقائب الخصر (Waist Bags) أحيانًا، بجانب الإكسسوارات الأخرى مثل الساعات أو الأساور.
الستايل الممزوج بالهوية العربية:
أحيانًا ترى وشاحًا خفيفًا أو قبعة تضفي لمسة من التراث.
بإيجاز، جماعة “التعالهون” لهم ستايل عفوي ومريح، يعكس حياتهم اليومية بين المدن والمواقف في قلب
ألمانيا، يجمع بين الراحة والفكاهة والهوية البسيطة المتأقلمة مع الغربة!
هل سنرى نهايةً لقصة “تعالهون”؟
الأمر يعتمد على مدى قدرتهم على الاندماج والاستقرار، ومدى تقبّلهم لفكرة أن “الهون” الحقيقي قد لا يكون
في ألمانيا، بل ربما في قلوبهم وذكرياتهم.