بلقيس حين أطفأت القنابل شمعة حب نزار قباني
عن حياة الشاعر الراحل نزار قباني الشخصية
نزار قباني، شاعر الحب والثورة، عُرف بقدرته على تحويل المشاعر إلى كلمات تأسر القلوب. ولكن حياته
الشخصية كانت مليئة بالألم كما كانت مليئة بالشعر. قصة زوجته بلقيس الراوي هي واحدة من أكثر القصص
التي أثرت على نزار وعلى شعره، وتركت بصمة عميقة في تاريخه الأدبي والإنساني.
من هي بلقيس الراوي؟
بلقيس الراوي كانت عراقية جميلة ومثقفة، تنتمي إلى عائلة بغدادية عريقة. التقى بها نزار للمرة الأولى
خلال زيارته للعراق في الستينيات. وقع في حبها من النظرة الأولى، ولكن الزواج لم يكن سهلاً. عائلتها
رفضت زواجهما في البداية بسبب سمعته كشاعر يغرق في قصائد الحب والغزل. لكن نزار لم يستسلم.
كتب لها قصائد مليئة بالحب والشوق، وظل متمسكًا بحبه لها حتى وافقت عائلتها في النهاية، وتزوجا في
عام 1962.
كيف كانت حياتهما معًا؟
كان زواجهما مليئًا بالحب والمودة، واعتبرها نزار مصدر إلهام كبير. كانت بلقيس ليست فقط زوجته، بل كانت
ملهمته وصديقته. عاشت مع نزار حياة مليئة بالرومانسية، وكان يعبر عن حبه لها في كل فرصة. رزقا بطفلين،
وأصبح وجود بلقيس جزءًا لا يتجزأ من حياة نزار وشعره.
بعد وفاة الراحلة زوجة نزار قباني بلقيس الراوي
من أكثر ما قاله نزار قباني حزنًا وتأثيرًا عن موت بلقيس، هي قصيدته الشهيرة “بلقيس” التي كتبها كصرخة
ألم ومناجاة للحب الذي خسره. إليك بعض المقاطع المؤثرة التي تمزق القلوب:
**”شكراً لكم
شكراً لكم
فحبيبتي قتلت.. وصار بوسعكم
أن تشربوا كأساً على قبر الشهيدة
وقصيدتي اغتيلت..
وهل من أمةٍ في الأرضإلا نحن – تغتال القصيدة؟”**
وفي موضع آخر، يصف كيف كانت بلقيس جزءًا من حياته:
“بلقيسُ…
كانتْ أجملَ الملكاتِ في تاريخِ بابلْ
بلقيسُ…
كانتْ أطولَ النخلاتِ في أرضِ العراقْ
كانتْ إذا تمشي…
ترافقُها طواويسٌ…
وتتبعُها أيائلْ”
ثم ينفجر غضبه وحزنه على الأمة التي سمحت بحدوث هذه الفاجعة:
“بلقيسُ…
يا وطني.. الذي يصفونهُ بالمؤقتِ
يا جرحاً يداوي جرحَهُ
وينكأ جرحَهُ…
كم كنتُ أحسدُ هذي الأرضَ…
على بلقيسْ”
هذه الكلمات ليست فقط تعبيرًا عن فقد الحبيبة، بل هي شهادة على وجع رجلٍ لم يعرف كيف يمضي
قدمًا دون المرأة التي كانت عالمه. كانت بلقيس حبه الكبير، وبعد رحيلها، أصبح شعر نزار أكثر حزنًا وعمقًا. 💔
كيف ماتت بلقيس الراوي؟
في عام 1981، وقع حادث مأساوي قلب حياة نزار رأسًا على عقب. أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، تعرضت
السفارة العراقية في بيروت لتفجير مروع، وكانت بلقيس تعمل هناك. قُتلت في التفجير، وهو ما شكّل
صدمة كبيرة لنزار. فقد زوجته وحب حياته في لحظة مأساوية، وتركته الحادثة محطمًا عاطفيًا.
في الختام ردة فعل نزار بعد وفاتها؟
كانت وفاة بلقيس بمثابة زلزال عاطفي في حياة نزار. كتب قصيدة مؤثرة بعنوان “بلقيس”، عبّر فيها عن حزنه
العميق وغضبه من العالم. قال فيها:
“بلقيس، كانت أجمل الملكات في تاريخ بابل… بلقيس، كانت أطول النخلات في أرض العراق.”
انتقد في القصيدة العالم العربي وظروفه التي أدت إلى الحروب والتفجيرات، واعتبر أن الجميع مسؤول عن موتها.
عاش نزار بعدها سنوات طويلة وهو يحمل حزنًا لا يفارقه، وأصبحت بلقيس ذكرى خالدة في شعره وحياته.