لماذا يخطئ الذكاء الاصطناعي أحيانًا فهم أسباب الردود الغبية للتقنية الذكية
شهد العالم في السنوات الأخيرة قفزة هائلة في تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت التطبيقات الذكية جزءًا لا
يتجزأ من حياتنا اليومية. نستخدم الذكاء الاصطناعي في الهواتف الذكية، ومساعدات المنزل الذكية، والسيارات
ذاتية القيادة، بل وحتى في كتابة المقالات! لكن، لنكن صريحين، مهما بلغت هذه الأنظمة من تطور، فإنها ما زالت
تخطئ، وأحيانًا بشكل كوميدي أو محبط. فكيف يمكن لنظام مصمم ليكون “ذكياً” أن يقدم ردودًا تبدو أحيانًا “غبية”؟
1. الذكاء الاصطناعي… آلة تتعلم فقط مما تعطيه
تعتمد معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي، وخصوصًا نماذج اللغة، على التعلم من كميات ضخمة من البيانات. تُدرَّب هذه
الأنظمة على نصوص وبيانات ضخمة، وتتعلم من الأنماط والتراكيب المختلفة، لكن هذا التعلم ليس تفكيراً حقيقياً
مثل البشر. فعندما يُطلب منها الإجابة على سؤال أو معالجة مهمة، فهي تعتمد على أنماط محددة تتعلمها سابقًا.
إذا كانت البيانات التي دربت عليها غير دقيقة أو محدودة، فإن الردود ستصبح غير دقيقة أيضاً. مثلاً، لو كان نظام
الذكاء الاصطناعي غير مدرب على بعض الأحداث أو المفاهيم الثقافية الحديثة، فقد يقدم إجابات قديمة أو غير
واقعية تمامًا.
2. الذكاء الاصطناعي لا يفهم، بل يتنبأ
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قادر على تقديم إجابات مذهلة ومعقدة، فإنه في الواقع لا “يفهم” الأمور
بالمعنى الإنساني. فهو يعتمد على تنبؤ ما يجب أن يكون الرد بناءً على بياناته السابقة. في بعض الأحيان، تكون
هذه التنبؤات خاطئة إذا لم يكن النموذج “مدرباً” على السياق المعين.
على سبيل المثال، إذا طُلب من الذكاء الاصطناعي شرح مفهوم معقد بلغة بسيطة ولم يُدرب جيداً على تبسيط
المصطلحات، فقد يقدم إجابة غامضة أو غير مترابطة.
3. “غموض” الأسئلة و”خداع” البشر
في بعض الأحيان، يكون الخطأ ليس من الذكاء الاصطناعي بل من المستخدم نفسه. قد تكون الأسئلة غامضة أو
تعتمد على معلومات مفقودة. نحن البشر نميل إلى استخدام الاستعارات، النكات، وحتى اللهجات المختلفة. الذكاء
الاصطناعي قد يجد صعوبة في فهم هذا النوع من التواصل، خصوصًا إن لم يكن مدربًا على السياق الثقافي أو
الاجتماعي المطلوب.
مثال: إذا طُلب من الذكاء الاصطناعي “إخباري بشيء مضحك”، فإن الذكاء الاصطناعي قد لا يفهم مستوى حس
الفكاهة المطلوب، فيقدم نكتة بسيطة أو قديمة، ما قد يُشعر المستخدم بخيبة أمل.
4. قضايا التحيز والانحياز في البيانات
يتعلم الذكاء الاصطناعي من البيانات التي تُدخَل إليه، لكن هذه البيانات ليست دائمًا متوازنة أو عادلة. في بعض
الحالات، تتضمن البيانات “تحيزات” معينة قد تؤثر على ردود الذكاء الاصطناعي، ما يؤدي إلى إجابات غير ملائمة أو
غبية أحيانًا. هذا التحيز قد يأتي من تنوع مصادر البيانات أو حتى من الافتراضات المسبقة التي وُضعت عند تصميم
النظام.
5. الاعتماد على الحسابات وليس على “الحس السليم”
الذكاء الاصطناعي مبني على حسابات ومعادلات رياضية، وليس لديه الحس السليم الذي يمتلكه الإنسان. على
سبيل المثال، إذا سألته سؤالاً بسيطًا للغاية لكنه يعتمد على سياق “الحس السليم”، قد تجد إجابته بعيدة عن
التوقعات.
إذن، كيف يمكن تطوير الذكاء الاصطناعي ليصبح أقل “غباءً”؟
الحل يكمن في تحسين جودة البيانات المستخدمة، وتطوير نماذج تتفهم السياقات الاجتماعية والثقافية، وزيادة
قدرة النماذج على معالجة أسئلة أكثر تعقيدًا منطقياً وعاطفياً. ومع ذلك، علينا تقبّل فكرة أن الذكاء الاصطناعي
ليس معصوماً عن الخطأ، وأنه يتعلم باستمرار من هذه الأخطاء.
خلاصة القول
رغم كل التقدم، الذكاء الاصطناعي يبقى أداة تعتمد على المدخلات التي يقدمها البشر. ستظل هناك لحظات
“غبية” أو مضحكة، لكن هذه الأخطاء هي جزء من عملية التعلم والتطوير. فما هو الذكاء إلا انعكاس لمدى تعلمنا
من أخطائنا، أليس كذلك؟