بنات دمشق والزواج عادات وتقاليد فريدة بين الأصالة والغرابة
“من دمشق تبدأ قصص الزفاف، تزدان بعبق الياسمين، وتُروى بأصوات الطبول والأهازيج، فتخلّد لكل عروس
حكاية تُكتب على جدران الأزقة القديمة.”
عادات زواج فريدة فقط في دمشق
تتميز دمشق، عاصمة سوريا، بتقاليد وعادات زواج فريدة، تعود لقرون، ويحرص الكثير من أهلها على الالتزام
ببعض هذه العادات. إليك أبرزها:
1. مراسم “الجاهة” وطلب العروس
تبدأ العادات بمرحلة تُسمى “الجاهة”، حيث يجتمع كبار العائلتين للتعارف والاتفاق على تفاصيل الزواج.
يقوم وفد من أهل العريس بزيارة بيت العروس لتقديم “الجاهة”، وهو احتفال يتم فيه طلب يد العروس رسميًا،
ويُشترط أن يتم بموافقة العائلتين وأحيانا بحضور شيخ أو إمام من المنطقة، وتُلقى فيه كلمات تظهر احترام العائلتين.
2. الحملات التحضيرية لـ”حنة العروس”
قبل الزفاف بيومين تقريبًا، تقام حفلة “حنة العروس” حيث تجتمع النساء من أقارب وصديقات العروس ويقمن
بتزيين يدي العروس وقدميها بنقوش الحنة. تحمل هذه المناسبة أجواء احتفالية، وتُعتبر فرصة للنساء لمشاركة
النصائح وإعداد العروس لمرحلة الزواج. في بعض العائلات، يرافق هذه الحفلة أغانٍ تراثية ودبكات شعبية.
3. الجاهزة أو “الكساوي”
من العادات المتوارثة هي إعداد ما يُعرف بـ”الجاهزة” أو “الكساوي”، وهي مجموعة من الهدايا الفاخرة التي
يقدّمها العريس للعروس وتضم ملابس وأقمشة وأحيانًا مجوهرات. تقليديًا، كانت العائلات تقوم بعرض الكساوي
في البيت ليشاهدها الأقارب والجيران قبل حفل الزفاف، كنوع من العرفان والمحبة.
4. تحضير “المناسف” للضيوف
في يوم الزفاف، يحرص أهل العريس على إعداد “المناسف” للضيوف، التي تُعد رمزًا للكرم وحسن الضيافة.
تُطبخ المناسف باستخدام اللحوم والرز واللبن، وتوضع على موائد كبيرة، وتعتبر علامة مميزة للاحتفال، خاصة
في الأحياء الدمشقية العريقة مثل باب توما والميدان.
5. الزفّة الشعبية
تستمر الأعراس التقليدية بدمشق بـ”الزفة”، وهي موكب حاشد يحمل طابعًا شعبيًا، يبدأ من بيت العريس حيث يتم التجمع، ثم يتحرك الجميع في موكب نحو بيت العروس، ويتخلل الموكب الأهازيج والزغاريد الشعبية، وأحيانًا ترافقه فرق الطبل والزمر (المزمار)، حيث يجوبون أحياء المدينة القديمة في مشهد يعكس فرح العائلتين وبهجة الأحياء المجاورة.
6. “البروانة” ورش الورود والياسمين
من الطقوس المحببة في دمشق هي رشّ الياسمين أو الورود على العروسين عند دخولهم بيت الزوجية لأول مرة. تُعرف هذه العادة بـ”البروانة”، إذ تقوم إحدى النساء من العائلة برش الورود والياسمين، الذي يُعد رمزًا لدمشق وعنوانًا للبهجة والأمل بحياة سعيدة.
7. التهنئة بالطريقة الدمشقية التقليدية
بعد انتهاء مراسم الزفاف، تقام جلسات تهنئة تقليدية يشارك فيها الأقارب والجيران، ويتخللها تقديم الحلوى الدمشقية، مثل “المعمول” و”المقروطة”. يُقدّم القهوة المرة والتمر للضيوف كنوع من حسن الاستقبال، وتُعتبر هذه الجلسة فرصة للتواصل بين العائلتين وتقوية الروابط الاجتماعية.
8. “سفرة الحلاوة” بعد الزفاف
بعد الزفاف بيوم أو يومين، تُقام “سفرة الحلاوة” في بيت أهل العريس، وهي مناسبة يتم فيها استقبال العروس وأهلها مجددًا، مع تقديم أصناف من الحلويات الدمشقية مثل “الكنافة” و”الوربات”. تتبادل العائلتان التهاني والتبريكات، وتتلقى العروس الهدايا من الأقارب، وتُعتبر خطوة إضافية لتأكيد العلاقات الطيبة بين العائلتين.
خاتمة
تلك الطقوس والعادات تُشكّل جزءًا من ثقافة دمشقية أصيلة، وتحمل في طياتها مزيجًا من الأصالة والتراث.
رغم تأثرها بالعصر الحديث، إلا أن الكثير من العائلات ما زالت تحرص على إحيائها، كرمز لاحترام القيم والعادات
المتوارثة، ما يضفي على الزواج في دمشق طابعًا خاصًا يعكس روح المدينة وتاريخها العريق.