التطبيع في مدارس الجولان: بين التعليم والهوية
منذ احتلال الجولان السوري في عام 1967، تسعى إسرائيل بشكل مستمر إلى فرض سيطرتها على الأرض
والإنسان، مستخدمةً أدوات مختلفة لتغيير الهوية الثقافية والوطنية لأبناء المنطقة. من أبرز هذه الأدوات،
المناهج الدراسية التي تُستخدم لتطويع العقول الناشئة وفرض رؤية تتماشى مع المشروع الاستعماري.
المناهج كأداة للتطبيع
الكتب الدراسية في مدارس الجولان المحتل تعكس محاولات واضحة للتطبيع مع الاحتلال. يتم التلاعب
بالمحتوى التاريخي والجغرافي لتزييف الحقائق، حيث تُقدَّم الجولان وكأنها جزء “شرعي” من دولة الاحتلال.
يتم تغييب الهوية السورية الأصلية للمنطقة، ويتم تقديم الروايات الإسرائيلية بشكل مستمر، مما يؤدي إلى
تشويه وعي الأجيال الناشئة.
تغييب الهوية الثقافية
التطبيع التعليمي لا يقتصر فقط على الكتب الدراسية، بل يمتد إلى الأنشطة والمناهج التربوية التي تعزز
الانتماء لإسرائيل. يتم استبدال الرموز الوطنية السورية بأخرى إسرائيلية، ويتم التركيز على تقديم الثقافة
الإسرائيلية باعتبارها الثقافة “الأصيلة”، مما يضعف الروابط الثقافية بين أبناء الجولان ووطنهم الأم سوريا.
المخاطر على الأجيال الناشئة
التعليم في الجولان المحتل أصبح سلاحًا صامتًا ولكنه فعّال. الأطفال والشباب الذين يتلقون هذا التعليم يُربّون
في بيئة تُشجّع على قبول الاحتلال كأمر واقع. الخطر هنا ليس فقط في محو الهوية الوطنية، بل في بناء أجيال
تنظر إلى القضية الفلسطينية والجولانية من منظور المُحتل، متجاهلين تاريخهم وهويتهم الحقيقية.
المقاومة الثقافية والتربوية
ورغم هذا الواقع، فإن سكان الجولان لا يزالون يتمسكون بهويتهم السورية. تُظهر مظاهر المقاومة من خلال
الاحتفاظ بالعادات والتقاليد، وتنظيم فعاليات تذكّر بتاريخ المنطقة. كما أن هناك جهودًا فردية وجماعية لنقل
المعرفة الحقيقية للأجيال الجديدة عبر التعليم غير الرسمي والمبادرات المجتمعية.
الخاتمة
التطبيع في المدارس هو جزء من مشروع استعماري أكبر يهدف إلى إلغاء الهوية الوطنية والقومية للسكان
تحت الاحتلال. هذا التطبيع ليس مجرد قضية تعليمية، بل هو معركة وجود وهوية تحتاج إلى مقاومة مستمرة
من قبل أبناء الجولان وكل من يدعم الحق في الحرية والكرامة.
الحفاظ على الهوية هو سلاحنا الأقوى، والتاريخ شاهد أن الهوية لا تُطمس مهما حاولوا.