البستان البوهيمي القصة الكاملة لما وراء الأبواب المغلقة
البستان البوهيمي (Bohemian Grove)
هو مكان غامض يثير فضول الكثيرين، إذ تجتمع فيه نخبة من الشخصيات العالمية ضمن أجواء مليئة بالسرية. يُقام
التجمع السنوي للبستان في غابة ريدوود بولاية كاليفورنيا الأمريكية، وهو يعدّ ملتقىً حصريًا لأعضاء نادي
“بوهميان”، حيث يتبادل السياسيون، رجال الأعمال، الفنانون، والمفكرون الأفكار بعيدًا عن أضواء الإعلام والعيون
العامة.
القصة الكاملة لما يحدث في البستان البوهيمي
يُعد البستان البوهيمي مقرًا لنادي “بوهميان”، الذي تأسس في أواخر القرن التاسع عشر، عام 1872 في مدينة
سان فرانسيسكو. بدأ النادي كنادٍ للفنانين والكتاب، لكنه سرعان ما اجتذب النخبة السياسية ورجال الأعمال.
يستضيف النادي كل صيف منذ عام 1878 تجمعًا يستمر لمدة أسبوعين في غابة ريدوود الساحرة. هذه الغابة
المغلقة تبلغ مساحتها حوالي 2700 فدان، وتُغلق أمام الجمهور العام خلال فترة التجمعات.
الطقوس والأنشطة داخل البستان
تشمل الفعاليات التي تُقام في البستان البوهيمي طقوسًا وأحداثًا خاصة. الطقس الأكثر شهرة هو “حرق القلق”
(Cremation of Care)، الذي يُجرى عند انطلاق التجمع. يُعتبر هذا الطقس رمزًا للتخلص من الضغوط اليومية
والهموم، حيث يتم إحراق مجسم يمثل “القلق” على هيئة طقوسية بالقرب من تمثال ضخم لبومة، وهي رمز
النادي.
بعيدًا عن هذه الطقوس، يقضي الأعضاء أوقاتهم في إقامة حفلات موسيقية، وعروض مسرحية، والاستماع إلى
خطب تُلقى في جلسات خاصة يُطلق عليها “حديث البحيرة”. وغالبًا ما تشمل هذه الجلسات مواضيع سياسية
واقتصادية وفكرية، في أجواء تحرص على الخصوصية.
السرية والنظريات حول البستان البوهيمي
أثارت الطبيعة السرية للبستان البوهيمي ونادي “بوهميان” العديد من النظريات والجدل حول أهدافه الحقيقية.
يرى البعض أن النادي يمثل مجرد فرصة لأفراد النخبة للاستجمام والترويح عن أنفسهم في أجواء طبيعية،
بعيدة عن ضغوط الحياة اليومية. بينما يعتقد آخرون أن هذه الاجتماعات تتضمن مناقشات سرية حول قضايا عالمية
قد تؤثر في مسار السياسة الدولية، ومن هنا نشأت الشائعات حول “حكومة الظل”.
تتزايد التكهنات حول طبيعة النقاشات التي تجري في البستان، خاصةً وأن قائمة المدعوين تتضمن رؤساء أمريكيين
سابقين مثل ريتشارد نيكسون، رونالد ريغان، جورج بوش الأب، بالإضافة إلى رجال أعمال بارزين وقادة شركات
عملاقة. ولا يُسمح للإعلام بتغطية هذه التجمعات، مما زاد من الغموض المحيط بها وأدى إلى ازدياد الاهتمام
العام بهذا المكان.
البستان البوهيمي (Bohemian Grove) قد أثار الكثير من الآراء والمقولات المثيرة للجدل على مر العقود، سواء من أعضاء سابقين أو نقاد يتابعون نشاطاته من الخارج. إليك بعض أبرز ما قيل عن هذا التجمع السري:
ريتشارد نيكسون:
الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون، الذي كان أحد المدعوين لحضور اجتماعات البستان البوهيمي، وصف
التجمع في تسجيلات صوتية مسربة عام 1971 بطريقة سلبية. كانت تعليقاته مثيرة للجدل، حيث أشار إلى أن
المكان يجمع فيه السياسيون والشخصيات العامة في أجواء غير رسمية.
“حكومة الظل”:
تعتبر واحدة من أكثر النظريات شيوعًا حول البستان البوهيمي هي أنه يمثل مركزًا لما يُعرف بـ”حكومة الظل”،
حيث يُعتقد أن القرارات التي تُتخذ داخل البستان لها تأثير على السياسة العالمية. هذه النظرية قائمة على
مشاركة رؤساء سابقين وشخصيات قوية في الاجتماعات.
أليكس جونز:
الصحفي الشهير نظريات المؤامرة أليكس جونز قام بتسلل إلى البستان البوهيمي عام 2000، وسجل فيديو يظهر
فيه طقوس “حرق القلق”. الفيديو أثار ضجة كبيرة حينها، وزاد من الجدل حول طبيعة الأنشطة التي تقام داخل
البستان، حيث وصف جونز ما يحدث هناك بأنه “ممارسات شيطانية.”
ويل هيرست:
كان الصحفي والملياردير الأمريكي ويل هيرست من أوائل الأعضاء في النادي، وكان له قول شهير حول الاجتماعات
قائلاً: “ما يحدث في البستان يبقى في البستان”، في إشارة إلى السرية المطلقة التي تتسم بها هذه التجمعات.
“مكان لا تشوبه السياسة”:
يصف العديد من الأعضاء الحاليين والسابقيين البستان البوهيمي بأنه مكان يمكنهم فيه الابتعاد عن أجواء السياسة
وضغوط العمل، حيث يتاح لهم الاسترخاء والتحدث عن مواضيع ثقافية وفنية. ويقولون إن النادي يساعدهم على
“الهروب من هموم الحياة اليومية”.
“مكان لتجديد الروح”:
هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن البستان البوهيمي لا يعدو كونه مكانًا لاستراحة النخبة، حيث يمكنهم
الاستمتاع بالطبيعة والموسيقى والأجواء الهادئة. وقد وصفه البعض بأنه “ملاذ للروح”، حيث يتجنب الأعضاء
المواضيع الجادة ويتمتعون بجلسات الاسترخاء.
هذه الأقوال تعكس التباين في وجهات النظر حول طبيعة هذا المكان الغامض؛ البعض يراه ملاذًا للأثرياء
والسياسيين للاستجمام بعيدًا عن الضغط الإعلامي، بينما يراه آخرون بمثابة تجمع سري لنخبة العالم
لمناقشة قضايا ذات تأثير عالمي.
الختام
إن البستان البوهيمي يظل لغزًا يثير فضول الكثيرين حول العالم، بين من يعتبرونه مجرد ملاذ للنخبة يستمتعون
فيه بعيدًا عن الأنظار، وبين من يرونه مكانًا تجتمع فيه القوة والنفوذ لتقرير مصير العالم. وبغض النظر عن التفسيرات
المختلفة، يبقى البستان البوهيمي رمزًا للسرية والخصوصية التي تحيط بأعضاء نادي “بوهميان”، وجزءًا من التاريخ
الغامض الذي يستمر في جذب الانتباه.