العلويون: من هم؟ وما هي معتقداتهم وتاريخهم وعاداتهم؟
من هم العلويون؟
العلويون، ويُعرفون أيضاً بـالنصيريين (تسمية قديمة يعتبرها البعض مسيئة اليوم)، هم طائفة دينية إسلامية تُنسب إلى المذهب الشيعي، وتحديداً إلى الفرع الاثني عشري، لكن بمعتقدات خاصة تميزهم عن باقي الشيعة. ينتشر العلويون بشكل رئيسي في سوريا، مع وجود أقلّيات في تركيا (يُعرفون هناك بـ”العليّين” أو Alevis)، ولبنان، وبعض الدول الأخرى.
يُشكل العلويون في سوريا حوالي 10-15% من السكان، ويتمركزون بشكل أساسي في الساحل السوري (اللاذقية، طرطوس، أجزاء من حمص وحماة).
أصل العلويين وتاريخهم
يرجع اسمهم إلى الإمام علي بن أبي طالب، الذي يُعتبر عندهم ليس فقط الإمام الأول، بل له مكانة روحية شبه إلهية.
- التأسيس: بدأت الطائفة في القرن التاسع الميلادي (الثالث هجرياً) على يد محمد بن نصير النميري، وهو من تلامذة الإمام الحادي عشر عند الشيعة الإثني عشرية (الحسن العسكري).
- الانتشار: واجهوا اضطهاداً من السلطات العباسية والفاطمية، مما دفعهم للانتقال إلى المناطق الجبلية (جبل النصيرية – الساحل السوري حالياً) بحثاً عن الأمان.
معتقداتهم الدينية
العلويون يملكون معتقدات باطنية وسرّية، وأغلب طقوسهم لا تُكشف للعامة، بل تُنقل من شيخ لتلميذ. هذا ما خلق غموضاً كبيراً حولهم. ومن معتقداتهم:
- تقديس الإمام علي: يُعتبر علي بن أبي طالب تجلّي الإله في الجسد، وهي عقيدة تُخالف باقي المسلمين الذين يعتبرون ذلك شركاً.
- الثالوث العلوي: “معنى، اسم، باب” – وهم: علي (المعنى)، محمد (الاسم)، سلمان الفارسي (الباب).
- العبادات: لا يلتزم العلويون بالصلوات الخمس ولا بصيام رمضان بالشكل المعروف عند باقي المسلمين. لديهم صيام خاص يُسمى “صيام الأربعين” ويبدأ عادة في كانون الثاني.
- عدم الذهاب إلى المساجد: لا يرتادون المساجد في أغلب الحالات، ولديهم مجالس خاصة تُقام في المنازل.
- الأعياد: يحتفلون بعيد الغدير وعيد الفطر وعيد الأضحى، ولكن بأسلوب مختلف، كما يحتفلون بأعياد مسيحية مثل عيد الميلاد ورأس السنة.
- السرية: يخفون معتقداتهم عن غيرهم، حتى بعض أبنائهم لا يتلقّون التعليم الديني الكامل حتى البلوغ.
أبرز العادات الإيجابية
- التمسّك بالعائلة: العائلة العلوية مترابطة جداً، وتقدّر الروابط العائلية.
- الكرم والضيافة: خصوصاً في القرى الجبلية، معروفون بالكرم والاحتفاء بالضيوف.
- حب العمل: يعملون بجهد، وخصوصاً في الزراعة، البناء، والمهن الحرة.
- المرونة الدينية: نوع من التسامح تجاه الديانات الأخرى، ربما نتيجة المزج بين العقائد.
- التعليم: بعد سبعينات القرن الماضي، صار العلويون يهتمّون بالتعليم أكثر، وبرز منهم الكثير من الأكاديميين.
أبرز العادات السلبية
الملاحظة: هذه العادات ليست حصرية أو عامة على كل أفراد الطائفة، ولكن تم تداولها في دراسات أو عبر ملاحظات مجتمعية.
- السرية المفرطة: أدّت إلى خلق سوء فهم كبير بينهم وبين باقي الطوائف.
- عدم الشفافية الدينية: مما جعل البعض يعتقد أنهم يخفون “بدعاً” أو معتقدات مخالفة للإسلام.
- الارتباط بالسلطة: نتيجة حكم الرئيس حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد (من الطائفة العلوية)، تعرّض العلويون للاتهام بأنهم مرتبطون بالسلطة، مما سبّب حساسيات طائفية.
- زواج الأقارب: منتشر نسبياً، وقد يسبّب مشاكل وراثية.
- قلة الانفتاح على المجتمعات الأخرى: خصوصاً في المناطق الريفية.
الإيجابيات والسلبيات السياسية والاجتماعية
الإيجابيات:
- وصل العلويون إلى مراكز مهمة في الدولة، مما ساعد في تحسين وضعهم الاقتصادي والاجتماعي.
- شاركوا في بناء الدولة الحديثة في سوريا.
- كان لهم حضور مهم في الجيش والمؤسسات الأمنية.
السلبيات:
- تم استخدام الطائفة أداة بيد الأنظمة الحاكمة، مما عرّضهم لكره جماعي غير عادل.
- ارتبطت أفعال النظام السوري خلال الحرب الأهلية بالطائفة، رغم أن كثيراً من العلويين لم يشاركوا بتلك الأفعال.
هل العلويون مسلمون؟
هذا سؤال خلافي. العلويون يعتبرون أنفسهم مسلمين، بل وشيعة، ولكن فقهاء السنة (وأحياناً الشيعة) يعتبرون أن بعض معتقداتهم تخرجهم من الإسلام، بسبب بعض المعتقدات الغنوصية أو التقديس المفرط للإمام علي. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن العلويين جزء من النسيج التاريخي والثقافي في العالم الإسلامي، وخصوصاً في سوريا.
العلويون اليوم
بعد الثورة السورية في 2011، صار وضع العلويين حساساً جداً. كثير منهم تم الزج بهم في الصراع رغم إرادتهم، خاصة في الجيش والأجهزة الأمنية. يخشى الكثير منهم الانتقام الطائفي في حال تغيّر الحكم، لذا يتمسّكون ببقاء النظام الحالي.
لكن بالمقابل، هناك أصوات علويّة معارضة للنظام، حاولت إيصال صوتها ودعواتها للمصالحة والعدالة الانتقالية، مثل المفكر الراحل جمال باروت، والناشطة فدوى سليمان.
توسّع في المعتقدات الدينية للعلويين
العلويون يُعتبرون من الشيعة الغُلاة بحسب التصنيفات التقليدية، لأنهم رفعوا مكانة الإمام علي إلى درجة الربوبية أو التجلي الإلهي. وهالشي مو مقبول لا عند أهل السنة ولا عند الشيعة الإمامية المعتدلين.
أهم المعتقدات الخاصة:
-
تأليه الإمام علي:
- يُقال عند العلويين: “علي ربّي” (والعياذ بالله عند بقية المسلمين).
- يعتقدون أن الله تجلّى في شخص الإمام علي، وهذا التجلي حصل بعد النبي محمد، وأن الرسالة انتقلت لعلي بشكل خفي.
-
العقيدة الثلاثية (ثالوث):
- كما ذُكر، يؤمنون بوجود ثلاثية روحية:
- المعنى (علي)
- الاسم (محمد)
- الباب (سلمان الفارسي)
- هذا يشبه إلى حدّ ما الثالوث المسيحي، وعلشان هيك بعض الباحثين شبهوهم بالمسيحيين من حيث البنية الرمزية للدين.
- كما ذُكر، يؤمنون بوجود ثلاثية روحية:
-
التقمّص:
- يؤمن العلويون بانتقال الأرواح بعد الموت (تناسخ الأرواح)، وأن الأرواح الشريرة تعود بأشكال أدنى كالكلاب أو الخنازير.
- هالمعتقد موجود عند بعض الطوائف الدرزية والباطنية كمان.
-
الصلوات والأركان:
- لا يصلون خمس صلوات كما في الإسلام التقليدي.
- عندهم “عبادات باطنية” وطقوس تتم في السر، ولا يُعلن عنها.
- يُقال إنهم يستخدمون “الخمرة” في بعض الطقوس الرمزية – ولكن مو كل المصادر متفقة على هالشي، وبعضها بيعتبره تشويه.
مصادر ومراجع تناولت الطائفة
للي حابب يقرأ بتوسع من كتب وبحوث:
- “العلويون: التاريخ، العقيدة، الهوية” – لــ د. محمد جمال باروت.
- “العلوية: الباطنية في سوريا” – لـ صادق العظم (رؤية نقدية فلسفية).
- “الفرق والمذاهب الإسلامية” – لـ غالب عواجي (من منظور سني).
- “دائرة المعارف الإسلامية” – يحتوي مقالات تفصيلية عن النصيرية.
الشخصيات العلوية المعروفة
رغم إنو العلويين طائفة أقلية، إلا إنو طلع منهم شخصيات بارزة:
- حافظ الأسد: الرئيس السوري السابق (1970-2000)، وهو من قرية القرداحة العلوية.
- بشار الأسد: الرئيس المخلوع.
- فدوى سليمان: ناشطة وشاعرة، انحازت للثورة السورية رغم انتمائها العلوي.
- جمال باروت: مفكر ومؤرخ، كتب عن العلويين بموضوعية عالية.
كيف يُنظر إليهم من الآخرين؟
- من السنة: يُنظر إليهم غالباً كمذهب خارج عن الإسلام، بسبب الغلوّ في الإمام علي، وعدم الالتزام بأركان الإسلام الظاهرة.
- من الشيعة: يرونهم شيعة مغالين أو فرقة مستقلة.
- من غير المسلمين: يُقارن بعضهم العلويين بالديانات الغنوصية القديمة، بسبب الرمزية، السرية، وتناسخ الأرواح.
هل كل العلويين يؤمنون بنفس المعتقدات؟
لا. في فرق كبير بين:
- العلويين الريفيين المحافظين: المتمسكين بالتقاليد القديمة والمعتقدات الدينية.
- العلويين الحضريين أو المتعلمين: واللي بعضهم صار أقرب للعلمانية أو الفكر القومي.
- الجيل الجديد: فيه شريحة شبابية ما بتعرف إلا القليل عن ديانتهم بسبب انقطاع التعليم الديني داخل الطائفة نفسها.
خلاصة
العلويون طائفة عريقة، ذات تاريخ طويل ومعقّد، ومعتقدات خاصة تميّزها عن باقي المسلمين. فيهم الطيبون، كما فيهم من ارتكب الأخطاء، وهم مثل أي مكوّن آخر في المنطقة: ضحية السياسة، والدين، والتاريخ.
فهمهم يحتاج انفتاح، واحترام، وفضول بعيد عن الأحكام المسبقة، وهذا ينطبق على كل الطوائف دون استثناء.